Menu

!هل شهدنا ربيعاً؟

Ahlia University
في مقولة تندر لليمنيين: «كل ما أحدثته وتحدثه الثورات في اليمن هو تغيير زبائن «الشيباني» فقط لا غير»، و«الشيباني» هو أحد أبرز المطاعم المعروفة والراقية في اليمن، وذلك في إشارة إلى تفاوت طبقي وصراع جديد على الثروة، حيث فقير الأمس غنياً اليوم، غني الأمس فقيراً اليوم!
 
 
 
 

د. بتول السيد مصطفى



وفي مقولة جدلية للمفكر الفرنسي أتين دي لابويسيه: «عندما يتعرض بلد ما لقمع طويل تنشأ أجيال من الناس لا تحتاج إلى الحرية وتتواءم مع الاستبداد، ويظهر فيه ما يمكن أن نسميه المواطن المستقر»، وهو المواطن الذي تنحصر جُل اهتماماته في الدين ولقمة العيش وكرة القدم!
 
وبين المقولتين ينشأ جدار جدل بين «واقعية سياسية» و»مثالية افتراضية»، يتسلل عنه سؤال مهم: هل شهدنا ربيعاً؟!
 
الثورة كاصطلاح دقيق تعني عملية تغيير سريع وجذري للنظام السياسي بما يؤدي للإطاحة بالنظام القديم والنخب التابعة له، وهذا ما لا يمكن إسقاطه على الدول التي شهدت مع نهايات العام 2010 ومطلع العام 2011 احتجاجات في إطار ما سمي «الربيع العربي» بدءاً من تونس، مصر، اليمن، ليبيا، وانتهاء بسوريا وغيرها. كما أن الثورة يشترط فيها مجموعة عناصر أبرزها أن تكون حركة شعبية واسعة لها توجه سياسي منظم تعبر عن رغبة عامة لجميع أفراد الشعب، لا أن تكون حركة فئوية أو تنطوي على اختلافات بين التيارات السياسية ولا تمثل رغبة العموم، وهذا ما لا ينطبق أيضاً على دول «الربيع».
 
من جهة أخرى، فإن البيئة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية لتلك الدول تجعل من عودة الأنظمة السابقة احتمالاً وارداً وإن بثوب جديد، أضف لذلك ما خلفه «الربيع» من انقسامات وتشرذمات وتشظيات. ولذا رغم مرور سنوات على «الربيع» لا تزال الفوضى والتخبطات تتسيد المشهد في عدة دول، لدرجة أن البعض بات يتمنى عودة النظام القديم في زمن ما بعد «الربيع». وأحد أبرز أسباب ذلك استمرار الصراع القديم أو ظهور صراع جديد حول السلطة والثروة بقيادة أطراف شتى، أو بإيجاز الانتقال من عصر «الدولة» إلى «اللادولة».
 
والشواهد/النتائج على ذلك كثيرة منها: استمرار الاحتجاجات بعد سقوط الأنظمة في دول مثل مصر وتونس وليبيا واليمن، خسائر الاقتصاد العربي (مئات المليارات وملايين اللاجئين)، تدخل قوى إقليمية في شؤون بعض الدول (حروب بالوكالة)، وغير ذلك.
 
وبشكل عام فإن سقوط نظام يراه البعض ديكتاتورياً لا يعني إقامة فورية لمدينة فاضلة، أخذاً في الاعتبار حجم التركة التي خلفها، والتي في حال صعوبة العمل على منع ظهور ديكتاتورية جديدة وإحداث تغيير في موازين القوى يمكن للنظام الجديد أن يكون ديكتاتورياً كسلفه، إن لم يكن أسوأ وأشد!
 
إن الواقعية السياسية تتطلب موضوعية وربطاً للنتائج بالمقدمات، فيتم حساب الآثار المترتبة على قرار ما قبل أن يصدر، كما تجرى مقارنة بين الحلول المختلفة لاختيار أيسرها وأكثرها إقناعاً. ودلالة على ذلك أن السياسة في أبسط تعريفاتها تعني «فن الممكن، مع وجود إرادات ورغبات متعددة للمواطنين». وحتى الديمقراطية المنشودة عادة قد يُنظر إليها باعتبارها مجموعة من العناصر التي تحدد الجانب الإيجابي المتفائل، والذي يعد الأقرب إلى التحقيق في الواقع. كما أن أحد تعريفات السياسة التي تعبر عن كل ذلك بإيجاز ترى بأنها «فن الوصول إلى الهدف باستعمال الواقع ومعطياته».
 
إن الحالة المعاشة وسط فوضى الواقع السياسي في قبالة المثالي وصولاً إلى «فوضى المصطلحات» من جهة أخرى يتبعها جدل واسع ينعكس على الشارع والإعلام، ويتسبب في تفاقم الصراع وتشتت الرؤى. وعليه، فإن ما تصنفه «ربيعاً» والربيع تزهر فيه معاني البهجة والعطاء والتجديد، يصنفه آخرون «خريفاً» تتساقط فيه الضحايا والقيم والمثاليات .. حينها فقط قد تستوعب أعذار «المواطن المستقر»!
 

 
 

close-link
Live

19th Graduation Ceremony

Date: 07/12/2024 | Time: 06:30 PM (UTC+03:30)

Watch the Ahlia University 19th Graduation Ceremony live on YouTube by clicking on the button below.
 
close-link
See Event Details