Menu

تليفزيون الواقع

Ahlia University
أفرز عصر الاتصال مشهداً عربياً وعالمياً لا يعترف بالحدود القطرية أو العالمية، وفتح مجالاً واسعاً لوصول العديد من البرامج التليفزيونية من وإلى جميع أنحاء العالم، وأصبح الوطن العربي مجالاً مفتوحاً لاستقبال العديد من البرامج التليفزيونية، التي تحمل في طياتها نموذجاً ثقافياً وحضارياً مختلفاً عن النموذج العربي في مقوماته وقناعاته وأهدافه. مما أثار الجدل حول الغزو الثقافي والاختراق الإعلامي للدول العربية، لاسيما مع تضاعف البرامج التليفزيونية الترفيهية، ومنها برامج تليفزيون الواقع التي انتشرت في السنوات الأخيرة على العديد من شاشات القنوات الفضائية العربية.
 
 
 
 

د. عبد الصادق حسن
أستاذ الإعلام المشارك – قسم الإعلام والعلاقات العامة – كلية الآداب والعلوم – الجامعة الأهلية



وتعد برامج تليفزيون الواقع المقدمة عبر القنوات الفضائية العربية أحد آليات تشكيل اتجاهات الشباب نحو العديد من القضايا في المجتمع، حيث تعمد هذه البرامج إلى تناول مختلف الموضوعات والقضايا التي تهم الشباب وتقدمها في شكل جذاب ومشوق، يعتمد على استخدام أساليب إخراجية متقنة تعتمد على الإبهار وجماليات الصورة، مما يجعل الشباب العربي أشد انجذاباً وأكثر حرصاً على مشاهدتها، إلى جانب أنها تحظى بنسب عالية من المتابعة والمشاهدة لدى العديد من هؤلاء الشباب، كما أن تكرار العديد من المضامين تؤثر في مشاعر وقيم الأفراد تجاه الواقع الذي يعيشون فيه، خاصة وأن هذه البرامج تكسب الشباب العدبد من المفاهيم والمعارف والخبرات التي سوف تؤثر عليهم مستقبلاً، والتي قد تكون مقبولة تحت إطار التحضر ومواكبة الثقافات الغربية، ولكنها لا تتوائم – بحال من الأحوال – مع القيم والتقاليد السائدة في المجتمعات العربية.
 
ولعل من أحدث صيحات تليفزيون الواقع قيامه بتقديم برنامج تلد فيه النساء مباشرة على الهواء، حيث أفادت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أنَّ شركة ‘’لايف لاين’’ الأمريكية ستنتج برنامجًا تلفزيونيًا، تلد فيه النساء بشكل مباشر على الهواء في غابة دون مساعدة الأطباء، وقد لاقت فكرة البرنامج انتقادات حادة لإن تلك الولادات كلها لن تكون سليمة، وقد تحتاج النساء الى تدخل طبي في حال ظهور أمور مفاجئة في عملية الولادة والتي قد تعرض حياة الأم والطفل للخطر الشديد
 


وبعيداً عن نوعيات برامج تليفزيون الواقع ومضامينها وأهدافها ونوعياتها، أو حتى نجاحها وفشلها على الصعيد الجماهيري، فإن الكثير من أصوات النخبة العربية المعنية تعالت ورفعت شعارات التنبيه والتحذير من مخاطر ما تطرحه هذه البرامج، وطالبت بترشيح و”فلترة” الكثير منها حتى لا تتعارض مع جدران منظومتي الأخلاق والقيم، كذلك نوه البعض إلى الآثار السلبية التي تخلفها هذه البرامج على صعيد الأسرة وترابطها وتماسكها، بل تعالت أصوات المتخصصين الذين سارعوا إلى إثبات وجود علاقة سلبية مباشرة ما بين ما تطرحه كثير من برامج تليفزيون الواقع، وما تتعرض له الأسرة من مشاكل وأزمات تصيبها بالتصدع والانهيار.
 
وقد تباينت الآراء ما بين مؤيد ومعارض حول تأثير هذه البرامج على مفهوم وحقيقة الترابط الأسري، والتواصل بين أفراد الأسرة الواحدة، وسلوك الشباب والأطفال واتجاهاتهم ونظرتهم إلى الحياة، وعلاقاتهم الأسرية البينية، وانعكاسها أيضاً على سلوكياتهم اليومية، وكونها تؤدي إلى انفصال الشباب عن مشكلاتهم الواقعية وأنها تعرض نماذج ساخرة من الشخصيات الإنسانية، وتقدم أشكالاً وقيماً سلبية أو جديدة، تساعد على انتشار العنف أو اللغة الهابطة بين الأطفال والشباب وفي طريقة تعاملهم.
 
أيضًا فإن تركيزهذه البرامج على القيم السلبية أو الشاذة يفتح المجال لظهور اختلالات حادة في القيم، وظهور مجموعة من الأفكار السلبية، مثل: اختلال قيمة الكفاح، واهتزاز صورة الأب والأم والأسرة، والنظرة المادية للزواج، وعدم احترام العلم و المعلم، وسيطرة مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، وعدم احترام القانون، وقلة عدد الشخصيات الإيجابية في الأدوار الرئيسة، وزيادتها في الأدوار الثانوية، ومن هنا تبرز أهمية تقييم ما يعرض بما ينسجم وثقافة المجتمع في هذه البرامج.
 

 
 

close-link

Discover Our New programmes: Elevate Your Experience!

close-link