Menu

!نظام عالمي جديد .. أم «رقعة شطرنج»؟

Ahlia University
يفرز كل زمان عناصر القوة الخاصة به، و التي تسري على شتى بقاع الأرض، فتشكل نظامًا عالميًا غير منظور يحدد فيه الأقوياء علاقتهم ببعضهم البعض من جهة، وعلاقتهم بمن هم دونهم من جهة أخرى، قد نعيش زمانًا مختلفًا من حيث المسميات والأنظمة.. فمنذ زمن الإغريق والرومان وحتى قيام الدولة الإسلامية بمختلف فصولها إلى عصر النهضة الأوروبية وميلاد الدولة الحديثة
 
 
 
 

محمد حسن يوسف



فالأمر سيّان، حيث تدور رحى البقاء والاستمرار في صراعات طاحنة لصنع الحضارة والتسيّد عبر «رقعة شطرنج» لا تعترف بالمفاوضات والعلاقات الودية، بل بالقوة العسكرية الترهيبية، تحتوي ضمن إطارها القسري على أسيادٍ قهروا أعداءهم بعد الحرب العالمية الثانية، وخرجوا من عزلتهم الاختيارية ليفرضوا رؤاهم مصالحهم على كامل النظام الدولي، فما هو الوضع على تلك الرقعة؟! ما هي مكوناتها وعناصرها؟ وما قوانين الحركة عليها؟
 
الملك في النظام الدولي:
 
بعد فرض «الملك» نفسه زعيمًا على الرقعة بفضل قوته العسكرية المفرطة والتي تجلّت في الحرب العالمية الثانية، أصبح للملك مهامٌ مختلفة.. فخطواته الفعلية قليلة ومحسوبة، وهناك من حوله من الأدوات والجنود من يقوم بمقامه ومهامه بفاعلية كبيرة تكبح جماح من ترتفع «رقبته»، فبعض الأعداء يكفي «الملك» تحرُّك الجنود لصد اطماعهم، والبعض الآخر قد يسلّط عليهم من هم في مستوى قوتهم بدون أن يتحرك بذاته الا عند الضرورة، لإن حركته ستكون مكلفة، وخطة التراجع ستكون عواقبها وخيمة. فيمارس حربه بالوكالة من خلال أسراب وقوى أخرى، فيستفيد هو دون أن يكون في الصورة.
 
الوزير:
 
مساعد الملك المخلص، له ميزةٌ فتاكة وهي التحرك على الرقعة في مختلف الاتجاهات، ووسط الحروب و الصراعات المختلفة لا يمكن انكار وجودها فإن وجود «الوزير» في عمق تلك الحرب سيكون له بالغ الأثر في إلهاء الجنود من الطرف الآخر، واضعاف قوتهم وإلحاق الأضرار الجسيمة في معسكرهم.
 
في النظام الدولي يمكن أن نعتبر الدول الكبري بمثابة الوزير للدولة الزعيمة القائدة للعالم، فالدول الكبرى هى دول متقدمة اقتصاديا وصناعيًا وعسكريًا ولكنها مهما بلغت من تقدم لن تهز عرش الدولة الزعيمة و القائدة للعالم في نظام أحادي القطب. مقتل «الوزير» سيؤدي إلى الإشارة بشكل مباشر إلى استهداف الملك.. لذلك نجد أن الملك يعتبر الوزير فتاته المدللة، يقف بالمرصاد أمام أي قرار أممي من شأنه محاسبة الوزير على تصرفاته الرعناء، وفي ظل تفكك حالة الجنود ورعبهم بدون أخذ خطوات التقدم الصحيحة حضاريًا فإن «الوزير» سيكر ويفر في الوقت الذي يريده.
 
الفيل:
 
ذلك العنصر الذي لا يتوانى عن الحركة الغادرة عندما تتاح له الفرصة، حركته الجانبية قد تربك الأعداء لأنها غالبًا ما تكون حركةً غير متوقعة، ولكنه بسبب غروره المفرط لا يسلك أسباب التطور الصحيحة فيصبح مختلّ النظام، يظن أن التطور العسكري وحده بصرف النظر عن النظام الاقتصادي سيصنع منه «ملكاً» أو قائدًا للنظام الدولي يومًا ما!، ولكنه على عكس ما يتوقع يظلّ يتلقى الصفعات ممن هم دونه، وقد يلقى حتفه على يد «الجنود».
 
القلعة أو الطابية:
 
تسعى القلعة إلى الحفاظ على «برستيجها» ومكانتها المرموقة إن صح التعبير، ما يميزها على الرقعة هو أنها تتحرك مباشرةً نحو الهدف إن تطلب الأمر فقط، ليست كالوزير أو الفيل.. فالقلعة لا تتحرك أيضاً إلا إذا كان خط الرجعة مضمونًا، إذا ما توفرت تلك العوامل فإن القلعة ستتدخل في عمق الجنود بلا حياءٍ أو توان.
 
الجنود:
 
يحرص الأسياد على أن يبقى الجنود في مواجهة بعضهم البعض كي لا يتحول الجنود إلى أسيادٍ يومًا ما، فهم يمتلكون القوة الطبيعية، والكثافة السكانية، والأراضي المترامية الأطراف، والدوافع الدينية المتأصلة.. ولكن ما دامت تلك القدرات ليس موجهة توجيهًا صحيحًا فإن ضحايا الجنود هم جنود آخرون، وما إن يقترب الجندي من سيد من الأسياد يجرى اقصاؤه من الرقعة وإلزام غيره من الجنود حدودهم الاعتبارية.
 
الجدير بالذكر أن «الحصان» سيدٌ مزعج بتحركاته القافزة، وأول ضحايا الجنود من الأسياد ستكون عبر حصانٍ غادر.. مع الأخذ بالاعتبار أن الجنود الأقرب من «الملك» سيكون وضعهم أكثر حساسية من غيرهم، أما جنود الشرق فلن يقترب منهم أحد ما لم يتعرض لهم جندي أو سيد في الجانب الآخر من الرقعة.
 
هذا هو النظام العالمي الجديد، قوة عسكرية مع تحكم في الاقتصاد.. بإمكانك بهما خنق من تشاء متى ما شئت، وبإمكانك لعب الأدوار في المحاصرة وإنهاء أمر الرقوق متى ما شئت.. تتبدل الأسماء وتتابين القوى والأحجام، ولكن يبدو أنَّ التاريخ لا يمل من إعادة نفسه
 

 
 

close-link

Discover Our New programmes: Elevate Your Experience!

close-link