Menu

Press Release

Ahlia University

picture1في محاضرة ثرية مع أساتذة وباحثي الجامعة الأهلية

الطاهر لبيب: لا مستقبل للبحث العلمي دون قرارات سياسية  

 

 

الجامعة الأهلية ، 8 أكتوبر / تشرين الأول 2016

 

دعا عالم الاجتماع التونسي البروفيسور الطاهر لبيب إلى أن تتحرك البلدان العربية نحو اتخاذ قرارات سياسية كبيرة تحرك المياه الراكدة في مجال البحث العلمي، منوها إلى أن الوطن العربي يمر بتحديات كبيرة في ظل ما تعيشه بلدانه من أزمات لغوية وتراجع ثقافي وفشل في تحقيق تقدم حقيقي في مجال البحث العلمي

        جاء ذلك في محاضرة تحت عنوان (واقع البحث العلمي في الوطن العربي”، نظمتها  كلّية الدراسات العليا والبحوث بالجامعة الأهلية بحضور عدد واسع من اساتذة الجامعة وطلبة برامج الدكتوراه والماجستير، حيث أكد البروفيسور الطاهر لبيب خلالها أن البحث العلمي لا يمكن أن يحقق نتائجه المرجوة دون أن يكون متصلا باللغة الأم بوصفها الوعاء الأساسي للثقافة، والجسر الذي يربط الباحثين بمجتمعهم وبيئتهم المحيطة

        وقد رحب الرئيس المؤسس للجامعة ورئيس مجلس أمنائها البروفيسور عبدالله الحواج بعالم الاجتماع التونسي الطاهر لبيب، مؤكدا على أن البحث العلمي أحد الاركان الاساسية التي تقوم عليها الجامعة الأهلية، حيث تطمح إلى أن تقدم مساهمات فعلية وملموسة على الصعيد المحلي والاقليمي والعالمي، وأن تكون إضافة نوعية ونموذجية في هذا الاتجاه

        وفي بداية اللقاء أثنى البروفيسور الطاهر لبيب على اعتناء الجامعة الأهلية باستخدام مفهوم الوطن العربي، ذلك المفهوم الذي تخلى عنه الكثيرون ليتقدم عليه مفهوم الشرق الأوسط أو المنطقة العربية أو غير ذلك، منوها بحس الحنين الذي يستحضره هذا المفهوم، وشاكرا استخدام الجامعة الأهلية إليه

        ومهد البروفيسور الطاهر لبيب إلى موضوعه باستعراض مجموعة من الأرقام المفزعة حول واقع البحث العلمي في الوطن العربي، موضحا أن اسرائل تنفق منفردة ضعف ما تنفقه الدول العربية مجتمعة على البحث العلمي مع إن الناتج القومي العربي يزيد 11 مرة على الناتج القومي الاسرائيلي، وفيما تنفق اسرائيل نحو 4.7% من ناتجها القومي على البحث العلمي فإن الدول العربية لا يتعدى انفاقها من الناتج القومي 0.3% في أفضل الأحوال

        وأشار إلى أن نصيب الفرد من ما يصرف على البحث العلمي في الوطن العربي لا يتجاوز دولارا واحدا، فيما يصل إلى 700 دولا في دولة كالولايات المتحدة الأمريكية، و600 دولار في الدول الأوربية. وذكر أنه وبينما تحوز الجامعة العبرية على المرتبة 64 ضمن أفضل 500 جامعة في العالم، فإنه وللأسف الشديد لا يوجد اي جامعة عربية ضمن هذه القائمة

        ولفت إلى أن هناك عراقيل داخلية تعاني منها الجامعات العربية وأخرى ثقافية واجتماعية وسياسية تعاني منها البلدان العربية، تحول مجتمعة دون أن تتقدم الجامعات العربية خطوات ملموسة للأمام في مجا البحث العلمي

        فأما العراقيل الداخلية للجامعات فتتمثل في البنية التحتية المهترئة لدى أكثر الجامعات العربية وعدم توفرها على مكتبات ومراجع اساسية تمكن الباحثين من الوصول للمعلومات التي يحتاجونها، وظاهرة التنازع بين الأساتذة والاختلافات التي لا صلة لها بالمعرفة، والتي تتشكل لأسباب شخصية أو اجتماعية ، ويكون ضحيتها البحث العلمي والطلاب الدارسين بشكل عام

        وانتقد الطاهر لبيب بشدة ما أسماه ظاهرة النزعة الفردية التي يعاني منها بعض الأساتذة ما يجعلهم يستأثرون بما لديهم من مراجع ووسائل معرفة، فيحرمون منها زملائهم وحتى طلابهم في بعض الأحيان، فضلا عن ركون عدد واسع منهم للخمول والجمود بعد الوصول إلى مرحلة الاستاذية (البروفسورية)، مع أنها مرحلة النضج العلمي التي يمكنها أن تقدم عصارة الحكمة في المجال العلمي الذي يختصون به. وذكر عدة عراقيل أخرى يواجهها البحث العلمي كهجرة العقول العربية لأسباب مختلفة للغرب، وتدني مستويات الحرية الأكاديمية ، وغياب مشاريع البحث العلمي المشتركة

        أما المعضلة الكبرى التي تواجهها الجامعات العربية بحسب ما يرى الطاهر لبيب فهي ظاهرة الفصل لدى هذه الجامعات بين التعليم والبحث العلمي، وعدم ربطهما ببعضهما البعض، واستغناء الأساتذة عن البحث العلمي في العملية التعليمية، بينما التعليم وثيق الصلة بالبحث العلمي في الجامعات الغربية، ولا يسمحون لعملية التعلم أن تسير وتتحرك دون أن ترافقها مسيرة بحث العلمي بدرجة الفاعلية نفسها

        أما العراقيل الاجتماعية والثقافية والسياسية، وهي الأشد والأصعب بحسب تقدير البروفيسور الطاهر لبيب، فتتمثل في وجود بيئات اجتماعية واسعة في وطننا العربي غير مؤهلة ولا مهيئة للبحث العلمي، حتى لو استطعنا أن نوفر له جميع الأسباب اللوجستية، ذلك لأن مجتمعاتنا متأزمة كما يصف الطاهر لبيب والثقافة في تراجع مستمر ومخيف

        يقول في هذا الصدد: لا يمكن أن يتقدم البحث العلمي في ظل ثقافة “اللا معنى” الني نعيشها، ثقافة تكشف عنها احصاءات تؤكد ان حصيلة ما يقرأه المواطن العربي في السنة الكاملة نصف صفحة فقط، وذلك لأننا اسرى ثقافة التكرارات والكلام الذي لا طائل منه

        واختتم محاضرته بالتأكيد على أن “لا مستقبل للبحث العلمي إلا إذا أدركنا كعرب أن مستقبلنا مرتبط به، ولا مستقبل إليه ما لم نراهن عليه لأجل مستقبلنا، وهذا يتطلب منا وضع استراتيجيات بحثية بعيدة المدى تتطلب منا قرارا سياسيا، يدرك على نحو دقيق أن البحث العلمي طريقنا الوحيد لفهم المستقيل والتخطيط إليه ومواجهة تحدياته”

         والدكتور الطاهر لبيب من أبرز علماء الاجتماع العرب، من مواليد المزونة بوالية/محافظة سيدي بوزيد بتونس سنة 1942 ، وقد درس علم الاجتماع في تونس وبيروت، وأسس مع عدد من الباحثين العرب الجمعية العربية لعلم الاجتماع، وترأسها لسنوات، كما شغل موقع المدير العام للمنظمة العربية للترجمة ومقرها بيروت حتى 2011. عرف بداية من السبعينيات من القرن العشرين، حين أصدر كتابه الأول “سوسيولوجيا الغزل العربي” بالفرنسية أولا، ثم في ثلاث ترجمات عربية، في دمشق والرباط والقاهرة، وصدر الكتاب بترجمته الخاصة عن المنظمة العربية للترجمة سنة 2009 .وفي العام 1978 أصدر كتاب “سوسيولوجيا الثقافة” في طبعات مختلفة في القاهرة ودمشق وعمان وتونس، كما أنه أشرف بعد ذلك على عدد من المؤلفات الجماعية، مثل “غرامشي في العالم العربي”، و”صورة الآخر: العربي ناظرًا ومنظورًا إليه”. وله مساهمات بحثية سوسيولوجية في دوريات علمية عديدة

          وتعمل كلية الدراسات العليا والبحوث بالجامعة الأهلية على تهيئة البيئة المناسبة لاجراء البحوث بحيث يتمكن الدارسين من إدارة أبحاثهم على نحو مبتكر، من خلال ترسيخ أسس البحث العلمي وتسليح الباحثين بقواعده ومتطلباته المختلفة، بما يمكنهم من الوصول إلى اكتشافات جديدة تتفق مع المعايير العليا وتكون قادرة على اجتياز الفحص الدقيق لتصل لمرحلة النشر في المجلات العلمية المحكمة. الأمر الذي من شأنه أن يقود باحثي الجامعة على مستوى الماجستير والدكتوراه إلى الحصول على الدرجات العلمية المأمولة

close-link

Discover Our New programmes: Elevate Your Experience!

close-link